أبحثُ عن الجَمال فى بلادى بعود ثقابٍ صغير لا تنطفئ جذوتُه؛ حتى أعثرَ على طريدتى: الجمال والسلام والحب. فإن وجدتُ قطعةً من جمال مخبأةً فى زاويةٍ ما من زوايا بلادى؛ وثبتُ من الفرح مثل طفلة منحتها يدٌ طيبةٌ قطعة من الشيكولاتة. أقف على رأس زاويتى وأهتف: «الخيرُ معقودٌ فى ناصية بلادى. هنا جمالٌ يا رفاق! عثرتُ على قطعة من الحُسن والألق».
لهذا أفرح كثيرًا حين يُرسل لى أحدُ قرّائى موقفًا طيبًا حدث، أو يشير إلى بقعة من بقاع مصر لا تعرف البغضاءُ طريقَها، ولم تلوّثها أوحالُ الطائفية. هنا، أنفضُ عن رأسى أكوامَ المشاكل والمحن التى يجب أن أكتبَ عنها، وأتفرّغ لاستقطار رذاذ الحسن النقىّ، ثم أمسكُ قلمى لأسجّلَ على التاريخ نقطةً لصالح بلدى.
كتبتُ الأسبوع الماضى هنا بـ«المصرى اليوم» عن قرية صغيرة، لا يذكرها الإعلامُ إلا بمشكلات الصرف الصحى، وتلوّث مياه الشرب، وتفشّى الأوبئة، وغياب عين الدولة عن مراقبة المآسى الإنسانية التى يعيشها أبناءُ تلك البلدة، فضلا عن غياب النيّة فى حلّها. شأنها فى ذلك شأن معظم قرى مصر ونجوعها، التى ترفلُ فى الإهمال الرقابىّ وضياع حق المواطن، ابن مصر، فى الحياة الآدمية الكريمة، التى تليق بإنسان، جدُّه هو صانعُ التاريخ والحضارة. لكن عدسة الإعلام، حين تُسلّط بؤرتها على المشاكل من أجل تنبيه الحكومة حتى تنفض عنها كسلها وأنامليتها وتصحّح الأوضاع، تغفل أن تلمح شيئًا يلمعُ وسط الظلام، مهما كان نادرًا وجميلًا. هنا يأتى دورنا، نحن الشعراء، الباحثين عن الجمال بعود ثقاب، لننتشل قطعة الألماس المدفونة تحت ركام الوحل، فنُخرجها ونصقلها، ثم ننثرها فى الفضاء، حتى تلحق بالشمس، فتُشرقُ إلى جوارها، نجمةً مُشعّة. لهذا ملأ الفرحُ قلبى حين أخبرنى أحدُ أبناء تلك البلدة عن المحبة الهائلة التى تحيا بين جنبات تلك القرية، فلم تعرف الطائفيةَ سماؤها، ولا سُمِح للبغضاء أن تزحف بظلّها الثقيل فوق أرضها.
قلتُ فى بداية مقالى إننى أكتب عن تلك القرية الجميلة، وأنا أدركُ أن كلامى ينطبق على العديد والعديد من قرى مصر الجميلة الأخرى، التى لم يسمح أهلُها بأن يضربها فيروس العنصرية القاتل، لأنهم واعون أصحاءُ القلوب، أنقياءُ الروح، لم يقبلوا أن تُدنِّس قلوبَهم أدرانُ الفتن، أو يلوِّث أرواحَهم ميكروبُ البغضاء.
جاءتنى تعليقاتٌ جميلة من القرّاء. أبناءُ المدن والقرى الموبوءة بالطائفية فرحوا بوجود الأمل فى مثل تلك القرية، وأبناءُ المدن والقرى النظيفة من دنس الطائفية فرحوا إذ تأكدوا أن الخير والجمال موجود فى أماكن أخرى غير أماكنهم. سألونى: لماذا تكلمتِ عن قرية «العلاقمة» ولم تذكرى قريتنا؟ وقال قائلٌ منهم: كثيرٌ من النجوع والبلدات مازالت تحتفظ بطابعها المصرى المترابط، المحبّة تُظلّلها والخير منثور بين نواصيها. فأجبتهم أننى أبحث عن الرجاء فى تلك البقاع النظيفة، وأطاردُ الحُسنَ فى أعطافها، وناشدتُهم أن يخبرونا عن تلك الأماكن لنشير إليها بإصبع الفرح.
الأخبارُ التعسة دائمًا هى الأعلى صوتًا وصخبًا وضجيجًا، بينما الجمالُ دائمًا صموتٌ هادئ النبرة لا يلتفت إليه أحد. فدعونا نطارد الجمالَ ونرفعه فوق الأعناق ليُخفِت صوتَ القبح ويُخزيَه، ويكسف نارَه حتى تخمد، فيموت.
فى نهاية مقالى الأسبوع الماضى، اقترحتُ على الحكومة المصرية أن تكافئ قرية العلاقمة، وما شابهها من قرى مصرية لم تسمح للطائفية أن تخترقها؛ بأن تُحلّ فورًا جميعُ مشاكلها الحيوية من صرف ومياه وكهرباء ونظافة وما إلى ذلك، حتى تكون الحياةُ الكريمة، (التى هى بالأساس حقٌّ أصيلٌ لكل مواطن مصرى فى كل مكان)، مكافأةً مشجّعة؛ عسى أن تغارَ قرى أخرى تسكنها الطائفيةُ؛ فتنبذها، فيعمُّ السلامُ وتسود المحبةُ بين أبناء مصر.
أكرر ندائى هنا من جديد، وأرجو أن تتبناه الدولة كمشروع قومىّ عنوانه «ضدّ الطائفية»، تساهم فى تدشينه الدولة بكل مؤسساتها من تعليم وإعلام وثقافة وفنون ومحليات وجامعات ومواطنين ورجال أعمال وحكومة وبرلمان. هل من مُنصت؟
لهذا أفرح كثيرًا حين يُرسل لى أحدُ قرّائى موقفًا طيبًا حدث، أو يشير إلى بقعة من بقاع مصر لا تعرف البغضاءُ طريقَها، ولم تلوّثها أوحالُ الطائفية. هنا، أنفضُ عن رأسى أكوامَ المشاكل والمحن التى يجب أن أكتبَ عنها، وأتفرّغ لاستقطار رذاذ الحسن النقىّ، ثم أمسكُ قلمى لأسجّلَ على التاريخ نقطةً لصالح بلدى.
كتبتُ الأسبوع الماضى هنا بـ«المصرى اليوم» عن قرية صغيرة، لا يذكرها الإعلامُ إلا بمشكلات الصرف الصحى، وتلوّث مياه الشرب، وتفشّى الأوبئة، وغياب عين الدولة عن مراقبة المآسى الإنسانية التى يعيشها أبناءُ تلك البلدة، فضلا عن غياب النيّة فى حلّها. شأنها فى ذلك شأن معظم قرى مصر ونجوعها، التى ترفلُ فى الإهمال الرقابىّ وضياع حق المواطن، ابن مصر، فى الحياة الآدمية الكريمة، التى تليق بإنسان، جدُّه هو صانعُ التاريخ والحضارة. لكن عدسة الإعلام، حين تُسلّط بؤرتها على المشاكل من أجل تنبيه الحكومة حتى تنفض عنها كسلها وأنامليتها وتصحّح الأوضاع، تغفل أن تلمح شيئًا يلمعُ وسط الظلام، مهما كان نادرًا وجميلًا. هنا يأتى دورنا، نحن الشعراء، الباحثين عن الجمال بعود ثقاب، لننتشل قطعة الألماس المدفونة تحت ركام الوحل، فنُخرجها ونصقلها، ثم ننثرها فى الفضاء، حتى تلحق بالشمس، فتُشرقُ إلى جوارها، نجمةً مُشعّة. لهذا ملأ الفرحُ قلبى حين أخبرنى أحدُ أبناء تلك البلدة عن المحبة الهائلة التى تحيا بين جنبات تلك القرية، فلم تعرف الطائفيةَ سماؤها، ولا سُمِح للبغضاء أن تزحف بظلّها الثقيل فوق أرضها.
قلتُ فى بداية مقالى إننى أكتب عن تلك القرية الجميلة، وأنا أدركُ أن كلامى ينطبق على العديد والعديد من قرى مصر الجميلة الأخرى، التى لم يسمح أهلُها بأن يضربها فيروس العنصرية القاتل، لأنهم واعون أصحاءُ القلوب، أنقياءُ الروح، لم يقبلوا أن تُدنِّس قلوبَهم أدرانُ الفتن، أو يلوِّث أرواحَهم ميكروبُ البغضاء.
جاءتنى تعليقاتٌ جميلة من القرّاء. أبناءُ المدن والقرى الموبوءة بالطائفية فرحوا بوجود الأمل فى مثل تلك القرية، وأبناءُ المدن والقرى النظيفة من دنس الطائفية فرحوا إذ تأكدوا أن الخير والجمال موجود فى أماكن أخرى غير أماكنهم. سألونى: لماذا تكلمتِ عن قرية «العلاقمة» ولم تذكرى قريتنا؟ وقال قائلٌ منهم: كثيرٌ من النجوع والبلدات مازالت تحتفظ بطابعها المصرى المترابط، المحبّة تُظلّلها والخير منثور بين نواصيها. فأجبتهم أننى أبحث عن الرجاء فى تلك البقاع النظيفة، وأطاردُ الحُسنَ فى أعطافها، وناشدتُهم أن يخبرونا عن تلك الأماكن لنشير إليها بإصبع الفرح.
الأخبارُ التعسة دائمًا هى الأعلى صوتًا وصخبًا وضجيجًا، بينما الجمالُ دائمًا صموتٌ هادئ النبرة لا يلتفت إليه أحد. فدعونا نطارد الجمالَ ونرفعه فوق الأعناق ليُخفِت صوتَ القبح ويُخزيَه، ويكسف نارَه حتى تخمد، فيموت.
فى نهاية مقالى الأسبوع الماضى، اقترحتُ على الحكومة المصرية أن تكافئ قرية العلاقمة، وما شابهها من قرى مصرية لم تسمح للطائفية أن تخترقها؛ بأن تُحلّ فورًا جميعُ مشاكلها الحيوية من صرف ومياه وكهرباء ونظافة وما إلى ذلك، حتى تكون الحياةُ الكريمة، (التى هى بالأساس حقٌّ أصيلٌ لكل مواطن مصرى فى كل مكان)، مكافأةً مشجّعة؛ عسى أن تغارَ قرى أخرى تسكنها الطائفيةُ؛ فتنبذها، فيعمُّ السلامُ وتسود المحبةُ بين أبناء مصر.
أكرر ندائى هنا من جديد، وأرجو أن تتبناه الدولة كمشروع قومىّ عنوانه «ضدّ الطائفية»، تساهم فى تدشينه الدولة بكل مؤسساتها من تعليم وإعلام وثقافة وفنون ومحليات وجامعات ومواطنين ورجال أعمال وحكومة وبرلمان. هل من مُنصت؟
تعليقات
إرسال تعليق