القائمة الرئيسية

الصفحات

الأسرار الكاملة لقانون بناء الكنائس

البنود المرفوضة: إحاطة الكنيسة بسور.. والتنسيق مع «الأمن الوطنى».. والإلزام بمساحة معينة

اقتراحان بقانون يساويان بين المساجد والكنائس في «شروط البناء» وإنشاء «هيئة الأبنية الدينية»

توقعات برفض النواب الأقباط وتكتل «٢٥-٣٠» المشروع.. وموافقة «دعم مصر» على تمريره

غادة عبدالرحيم: ينبغى رفع الظلم عن الأقباط.. والمصريون يحتاجون قانونًا موحدًا لدور العبادة

ممثل «الكاثوليكية»: رفضنا مواد «تعجيزية».. وتقنين أوضاع كل الكنائس غير المرخصة فور صدوره

نادية هنرى: ٩٠٪ من الكنائس «بلا رخصة».. والأقباط أصبحوا يواجهون تهمة «ظبطناهم بيصلوا»

استضافت «البوابة» عددا من أعضاء مجلس النواب الحاليين والسابقين، وخبراء القانون، ورجالالدين، وممثلى المجتمع المدنى، لمناقشة مشروع قانون «بناء وترميم الكنائس»، وعرضوجهات النظر المختلفة عنه، التى ظهرت فى الفترة الأخيرة ما بين التأييد والرفض.

وشهدت الحلقة النقاشية تعبير ممثلى التيار العلمانى عن استيائهم من السرية التى تحيطبمشروع القانون، الذى يتم تسريب بعض مما يتضمنه كأنه من «الممنوعات»، مؤكدين أحقيتهموالشارع القبطى فى الاطلاع على القانون، وشددوا على ضرورة مطالبة البرلمان بطرحه فىجلسات استماع مجتمعية.

وفيما قال الأنبا أنطونيوس عزيز، مطران «الكنيسة الكاثوليكية» بالجيزة والفيوم، إن حِمل سنالقانون أمر ثقيل، ويتمنى أن يكون متروكًا للتيار العلمانى، لكن الضرورة موضوعة على رجلالدين باعتباره من يقف فى وجه المدفع، اعترف برلمانيون بتقصيرهم فيما يتعلق بعدم طرحالقانون للمناقشة.

من جانبه، قال المستشار جميل حليم، ممثل الكنيسة الكاثوليكية فى إعداد قانون «بناءالكنائس»، إن الأقباط يحلمون منذ 160 عامًا بقانون ينظم بناء وترميم الكنائس، لافتًا إلى أنالنسخة الحالية من مشروع القانون المعروضة على مجلس الوزراء تتضمن 8 مواد، تم التوافقعليها بين ممثلى الدولة والكنائس الثلاث.

وكشف أن هناك مواد تم رفضها لتضمنها شروطًا تعجيزية لبناء الكنائس، وقال: «كل الكنائسالتى تم بناؤها دون ترخيص، سيتم تقنين أوضاعها فور صدور القانون»، وعبر عن استعدادممثلى الكنائس لأى قرارات بالإضافة أو الحذف على المشروع من جانب مجلس النواب.

وأكدت النائبة نادية هنرى، عضو مجلس النواب عن حزب «المصريين الأحرار»، ضرورة أن يقدمنواب المجلس المادة الدستورية الخاصة بالقانون وألا يتركوا الأمر للحكومة بهذا الشكل،وقالت: «تعطيل القانون إلى هذا الوقت وخروجه بهذا الشكل السيئ هو تقصير واضح منالحكومة ومن المجلس».

وكشفت أن ٩٠٪ من الكنائس الموجودة غير مرخصة، ولا يصرح الأمن باستخراج رخصتها،وأضافت: «الأمن موجود للدفاع عن الشعب وليس لجلده»، وسخرت من ظهور تهمة جديدةيواجه بها الأقباط وهى: «ظبطناهم بيصلوا». ووصفت مشروع القانون الذى قدمته الحكومةلمجلس النواب عن الكنائس بـ«السيئ جدًا»، والذى لا يرقى إلى المستوى المطلوب.

وأضافت «هنري»: «ما زلنا نطالب بما طالب به العطيفى، وكيل مجلس الشعب الأسبق عام١٩٧٢، برفع المواد والشروط التعجيزية لبناء الكنائس»، وتابعت: «لا بد أن يكون لكل مواطن دورعبادة يمارس شعائره فيها بكل حرية وبدون خوف.. لكن للأسف نعيش فى دولة ضعيفة».وطالبت خلال كلمتها بضرورة وضع خارطة طريق، ليس للأقباط فقط، ولكن لحماية الشعب كله،وعقبت: «الحكومة تنتظر أن يتحرك الرئيس السيسى.. فإلى متى تظل هكذا؟».

وأشارت إلى أن المشكلة الحقيقية هى مواجهة الفكر «الوهابى» المتطرف، وليست فىالقانون وحده، متوقعة أن يرفض جميع النواب الأقباط، بجانب نواب «تكتل ٢٥-٣٠»، قانونالكنائس المعروض الآن على البرلمان، والمقرر مناقشته خلال الجلسة العامة المقبلة، لافتةإلى أن نواب «دعم مصر» هم من سيمررون القانون على طريقة «موافقون يا ريس»، بحسبتعبيرها.

وقالت إن من ينكر وجود مشكلة، أوجه له سؤالًا: «أين هو المواطن المسيحى الكفء منالمناصب المهمة؟»، وشددت على أن «الجلسات العرفية» التى تحدث للحد من الفتنوالمشكلات، لا تناسب دولة بحجم مصر، خصوصا فى ظل سعيها لتكون دولة مدنية، وأضافت: «إذا كنا ننادى بالقانون فمن الأولى علينا تطبيقه».

ورأى الدكتور فريدى البياضى، عضو مجلس الشورى الأسبق، أن المشكلة تكمن فى الثقافةالموروثة والتعليم بنسبة ٨٠٪، والقانون بنسبة ٢٠٪، وقال: «للأسف لا يزال القانون الحالىيحتوى على مواد كارثية».

وعدد «البياضى» مجموعة من البنود المرفوضة فى مشروع القانون، أولها ما نصه ضرورة أنتكون «الكنيسة محاطة بسور»، موضحًا أن ذلك يتعارض مع المادة ٦٤ من الدستور التى تربطالحق فى ممارسة الشعائر الدينية بوجود دور العبادة، أو ما يمكن التعبير عليه بالقول «حريةالاعتقاد مطلقة».

وأشار إلى أن المادة الخامسة التى تشترط «موافقة المحافظة خلال ٤ أشهر، بعد التنسيق معالجهات المختصة»، تعنى الرجوع إلى «الأمن الوطنى»، وتساءل: «ماذا لو لم يرد المحافظبالرفض أو القبول؟ ما العمل فى تلك الحالة؟»، لافتًا إلى أن المادة «١١٨» من قانون البناءالموحد لسنة ٢٠٠٨ تعتبر «انقضاء المدة المحددة لإصدار الترخيص دون البت بمثابة الموافقةعليه»، وعقب متسائلًا: «لماذا لا يكون الرد خلال ٣٠ يوما، وعدم الرد يعتبر موافقة؟».

ومن المواد الأخرى التى أبدى «البياضى» اعتراضه عليها فى مشروع القانون، المادة الثانية،التى «تلزم الكنيسة بمساحة معينة تناسب حاجة وعدد المواطنين المسيحيين فى القرية أوالمدينة التى ستبنى فيها الكنيسة»، وتساءل: «لماذا التعنت إذا كنا نبنى من أموالنا وعلىأرضنا؟.. ما دخل الدولة بالمساحة؟».

وقال إنه بمقارنة هذه المواد بما يتضمنه قانون بناء المساجد الصادر عام ٢٠٠١، الذى لا يطبقفى الواقع، نجد أن هناك حالة من عدم المساواة والتفرقة، بدليل اختلاف الشروط فىالحالتين، وأضاف: «أقترح وجود قانون يساوى بين المساجد والكنائس فى الشروط»، وتابع: «إذاوجدت مادة واحدة غير دستورية ومقيدة للمسيحيين، فهى تشير إلى وجود خلل فى هذاالمشروع.. أتمنى أن يخرج مجلس النواب قانونا يليق بشعب قام بثورتين ويعبر عن مبدأالمواطنة».

فيما أعرب كمال زاخر، المفكر القبطى، عن استيائه من «السرية» التى تحيط بمشروع القانون،لافتًا إلى أن تسريب مواد به يتم وكأنه من «الأمور المحظورة»، وقال: «من حق الأقباط الاطلاععلى قانون بناء الكنائس، قبل صدوره من مجلس النواب. الشعب من حقه أن يعرف تفاصيله»،وتابع: «إذا ما كانت الكنيسة هى صاحبة الحق فى إصدار قانون بناء الكنائس، فإن ذلك يُرسخللدولة الدينية».

واستكمل «زاخر» حديثه: «هناك مَن يُحمّل الأقباط أكثر مما يتحملون، ويتعامل معهم باعتبارهمرعايا»، وشدد على ضرورة أن تحترم الدولة الأقباط وتحمى حقهم فى دولة مدنية، مؤكدًا أن«الكنيسة من الأطراف التى يحق لها المشاركة فى وضع ومناقشة مشروع القانون، لكنهاليست الجهة الوحيدة التى تمثل الأقباط، وإلا كان هذا إعادة إنتاج للدولة الدينية.. لذا يجبإفساح المجال لمشاركة المواطنين الأقباط فى مناقشة المشروع، باعتبارهم المخاطبين به،وذلك حتى لا نكرر الأخطاء والسلبيات التى كانت سببًا فى تفاقم الأزمات والاحتقان الطائفى».

وقالت الدكتورة غادة عبدالرحيم، مدير عام مؤسسة «البوابة»، إن المصريين تربوا على حبالوطن، الذى لا يفرق بين مسلم ومسيحى، مؤكدة ضرورة رفع الظلم عن الأقباط، عبر إصدارقانون موحَّد لبناء دور العبادة.

وأشارت غادة، إلى أن بعض الأقباط يلجأون إلى تحويل منازلهم لكنائس، نظرًا لوجود أقربكنيسة على بُعد ٢٠ كيلومترًا عن محل إقامتهم.

وتابعت: «المصريون سواء مسلمين أو مسيحيين، يحتاجون قانونًا موحدًا لدور العبادة، لدرءالفتنة، ومواجهة المؤامرة الكبرى التى تتعرض لها مصر».

وقال الدكتور إكرام لمعى، أستاذ مقارنة الأديان ورئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسةالإنجيلية، إنه يشعر بالإهانة عندما يجد الدولة تريد سن قانون مخصص للمسيحيين، وكأنهمزنوج فى جنوب إفريقيا من ٢٠ سنة أو ٣٠ سنة، أو منبوذون فى الهند بمعابد خاصة.

وأشار إلى أن المسيحيين يرفضون كل هذه الإهانات التى تلحق بهم، ويعترضون على القانون،لأنهم مواطنون مصريون، ومن حقهم أن يعيشوا على أرض مصر فى مساواة كاملة فى كلشىء.

ورأى «لمعى» أننا دولة متخلفة، والدليل على ذلك المواد الثلاث الأولى من الدستور، التىتؤكد أن هوية مصر العربية دولة مدنية حديثة، وأن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسىللتشريع، وأن غير المسلمين يحتكمون لشرائعهم.

وتساءل: «أين الدولة المدنية الحديثة؟.. وكل مادة من هذه المواد الثلاث تناقض مواد أخرىتليها»، وتساءل: «ما هى هويتنا؟.. هل هى مدنية أم دينية؟».

وأعربت الفنانة هند عاكف، عن تمنياتها بوجود وجود قانون واضح فى الدستور يسمح بالحريةفى دور العبادة، موضحة أنه من حق المسلم أن يصلى فى مسجده، والمسيحى يصلى فىكنيسته، دون أن يتعرض كلاهما لأى ضغوط من المجتمع المحيط، لافتة إلى أن الفن أدىرسالته من هذه الناحية، عندما عرض العمل السينمائى «حسن ومرقص»، الذى كان يهدف إلىالوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين فى مصر.

فيما أشار القس عصمت زكريا، وهو قس إنجيلى يتبع مجمع القاهرة الإنجيلى المشيخى،ويخدم بمنطقة الحوامدية، إلى أن المنطقة التى يخدم فيها لا توجد بها كنيسة منذ ٧سنوات، وأن أقرب كنيسة فى الجيزة أو العياط، وهى مسافة تقدر بـ٦٠ كيلومترا، مما يجعلحوالى ٢٠ فردا بالمنطقة يتوجهون من منزل إلى منزل لإقامة الصلاة.

وأضاف «زكريا»: «حينما تتعالى أصواتنا بالتسابيح داخل المنازل القبطية، فإن الخوف يدور فىأذهان جميع المصلين من أى سلفى أو متخلف أو مأجور يتعرض لهم»، وأشار إلى أن كثيرامنهم يسأل نفسه: «خايفين من إيه... إحنا بنسرق؟.. إحنا بنعبد إلهنا وبنشكره على حياتناومعيشتنا».

وتابع: «إذا أرادت الدولة الحماية من الفتنة، لا بد عند إصدار أى قانون، وضع عقاب رادع لكلشخص يعطل هذا القانون»، واستكمل: «الكل شاهد على الفساد الذى يحدث فى المحليات؟هل تساءلنا عند وضع أمور متعلقة بالمحليات فى القانون ماذا سيفعل القس مع هذه الأمور؟..هل سيستخدم طرقا ملتوية للحصول على حق مكفول له طبقا للدستور والقانون؟».

من جانبه، أكد الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن أى إنسان من حقه أنيعبد الله، وأن يجد المكان الذى يتعبد فيه بكل حرية، لافتًا إلى أن الكنيسة والمسجد ينميانمن الإنسان، وهناك العديد من المشتركات الدينية التى لا يتم التفريق فيها بين المسلموالمسيحى، واستشهد بما سماه «العبارة الذهبية» للبابا تواضروس، حين قال: «وطن بلاكنيسة خير من كنيسة بلا وطن»، والعبارة المقابلة لها عند جمال الدين الأفغانى حين قال: «حفظ الأوطان أهم من الأديان».

وقال كمال سليمان، عضو مجلس الشورى السابق، إنه يرفض مشروع قانون بناء الكنائس شكلاومضمونا، لأنه ملىء بالعوار، ولا يستطيع أن يقدم جديدا عن الشروط العشرة التى قدمها«العزبى باشا» فى شأن بناء الكنائس، لافتًا إلى أن هناك أكثر من ٧٠ كنيسة مغلقة منذعشرات السنين بأوامر أجهزة الأمن، وأضاف: «لا أعرف مصير تلك الكنائس فى القانون الجديدالمعروض على مجلس النواب؟»، وشدد على ضرورة التخفيف من آلام الأقباط، وإعطائهم الحقفى بناء الكنائس، فى إطار دولة مدنية.

أما القس رفعت فكرى، راعى الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف بشبرا، فقال إن ما وضعته لجنةالخمسين من مواد وقوانين، خاصة وهى مواد ١ و٢ و٣، أدى إلى تفاؤل عدد من المسيحيين، لأنها ستتيح لهم بناء الكنائس بشكل لا يضع أى إعاقات أمامهم، وهو ما لم يحدث.

ورأى رامى كامل، عضو اتحاد شباب ماسبيرو، أن كل من شارك فى إعداد قانون بناء الكنائسهم من وضعوا دستور ٢٠١٢ فى ظل حكم الإخوان، وكذلك عدد من أعضاء مجلس النواب الذينيتميزون بالصمت الدائم خلال جلساته، ووجه رسالة إلى كل القائمين على هذا القانون، بأنالشعب من حقه أن يعرف ما يتم فى الغرف المغلقة.

واختتم الأنبا أنطونيوس، مطران الجيزة والفيوم بالكنيسة القبطية الكاثوليكية، الحلقةالنقاشية لبناء الكنائس، وقال: «أنا كرجل دين كنت أتمنى أن يخفف عنى هذا العبء الثقيل،وتحمل مسئولية قانون مثل هذا، ولكن الضرورة موضوعة علىّ».

وأكد «عزيز» أن رجال الدين ليس لديهم متطلبات خاصة ليحصلوا عليها، فقد باعوا أنفسهملخدمة الله والشعب، وأنا كخادم أخدم المسلم قبل المسيحى، فهذه وظيفة رجل الدين، فهولا يتلذذ بحمل المسئولية، لأنها ثقيلة جدًا، مشيرا إلى أنه ترك العمل داخل لجنة الخمسين،وباقى المشروعات، لأَنه لم يكن مستريحا من داخله.

وأعرب عن أمله فى أن يتضمن نص القانون ٤ مواد فقط، أولاها أن يطبق على دور العبادةقانون ١١٩ لسنة ٨١ بشأن كل الكنائس التى بدون ترخيص، وبهذا تعتبر مرخصة، على أن تكونالمادة الثانية أنه لا يمكن غلق كنيسة من الكنائس، لأنها تقوم على تهذيب المجتمعومساعدته على الحفاظ على الإنسانية، وأن يكون للأديرة قانون خاص بها مختلف عن قانونالبناء، فضلًا عن ضرورة تقديم الطلبات للجهة المختصة وهى الحى وليس للمحافظ كأى مبنى.كما اقترح وجود هيئة تسمى «هيئة الأبنية الدينية»، وتكون مسئولة عن كل الأبنية الخاصةبالمؤسسة الدينية أينما كانت، مسجدا أو كنيسة.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات