القائمة الرئيسية

الصفحات

العودة الى الرئيسية بسبب اقباط قرية كوم اللوفى بسمالوط فاطمه ناعوت تكتب احنا عايشين فى نار يا ريّس!

فاطمه ناعوت 
شاهدَ منّا مَن شاهد الجلسةَ التى عقدها د. على مصيلحى، رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان المصرى، للاستماع لمسيحيى قرية "كوم اللوفى" بسمالوط.

شاهدنا لوعة المواطن المصرى "إبراهيم خلف"، وهو يحاول إخفاء دموعه المكتومة فى نبرة صوته الذى يقطر ألمًا ومرارةً وهو يحكى ما قامت به مجموعة ضالة من الإرهابيين أشعلوا النيران فى بعض مساكن المسيحيين بالقرية، بعد شائعة تحويل مسكن إلى كنيسة! وكيف كان الأهالى يسارعون باختطاف الأطفال من ألسنة النيران قبل التهامها لأجسادهم، مستعوضين الله فى ممتلكاتهم وبيوتهم. ثم ختم كلامه بصرخة مخيفة: "إحنا عايشين فى نار يا ريّس!”.

وكأننا فى عصر ما قبل الدول! وكأننا فى مجتمع همجى يحكمه قانون الغَلَبة للأقوى والأكثر عددًا والأكثر تسليحًا والأكثر انفلاتًا من القانون! وكأننا لسنا فى مصر صانعة الحضارة أم التاريخ وأم الحضارات!

قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "انصرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا." فسأله سائلٌ متعجبًا: "أنصرُه مظلومًا، فكيف أنصره ظالًما يا رسول الله؟!" أجاب الرسول: "بأن تردَّه عن ظلمه". ولهذا فأنا مؤمنةٌ تمام الإيمان بأن الانتصار للإسلام يبدأ بردّ الظالمين من المسلمين عن ظلمهم، ونُصره حقوق غير المسلمين فى بلادهم.

أخى المسلم السَّوىّ، شكرًا لسوائك ومحبتك الناسَ، لأنك تُنفّذُ مشيئة الله، وتنفذ وصية الرسول بأن المسلم هو من سلِم الناسُ من لسانه ويده. شكرًا لأنك تُساهمُ فى استقرار المجتمع وأمنه وبنائه. هذا المقالُ ليس لك. فاكتفِ بما قرأتْ، واغتنمْ بقية يومك فيما يُرضى الله ويُطوّر الحياة، بارك اللهُ دينَك ودنياك، وجازاك عنّا وعن مصر من الجزاء أحسنَه.

أخى المسلم المتعصّب، هذا المقالُ لك، وأشكرك إن منحته دقائقَ من يومك المشحون بالتلاعن والعنف والتعب، وإتعاب من حولك.

سُئل الشيخ حسّان سؤالا مباشرًا على الهواء: "هل تحب المسيحيين؟" فظلّ يراوغ ويثرثر، فلا قال: “نعم” صريحة، ولا جرؤ أن يقول: “لا" صريحة! وما ضرّه لو قال: "نعم أحبهم كما أوضانا الرسول وتزوج من بناتهم أم ولده إبراهيم، السيدة ماريا القبطية!"؟! ليته قالها فتبرأ نفوسٌ وتوئدُ فتنٌ؟! ولكن، "لا" الموجعةَ، خرجت، وإنْ مستترةً غير منطوقة عبر كل أقواله وأحاديثه. ولا عجبَ، وقد صرّح بها من قبله، ويصرح بها كل يوم الشيخ "ياسر برهامى" مُعلنًا "بُغضه" المسيحيين! نجّانا اللهُ من البغضاء، التى هى كبيرةٌ عند الله الذى أمرنا بالرحمة والمحبة والتآخى.

أخى المسلم المتعصب، إن اتّبعتَ منهج أولئك المشايخ الذين يزرعون الفتنة فى مصر، فعلى رِسلك! فقط، اعلمْ أنك تعكّر صفوَ نفسك وتخسرُ ميزانك الروحىّ. ولا حيلة لى سوى أن أسوق إليك بعض الأسئلة.

هل تعلم أن مسيحيى "بنى سويف" شاركوا المسلمين "تطوّعًّا" فى بناء مسجد "أطواب"، فى أوائل عام ٢٠١٢؟ هل سبق وشاهدت مسيحيًّا يجاهر بتناول قدح قهوة فى نهار رمضان أمام زملائه فى العمل؟ هل تعرف أن أطفال المسيحيين يشاركون أطفالنَا المسلمين فى تزيين الشوارع بالورق الملون والفوانيس احتفالاً بشهر رمضان كل عام؟ لماذا؟ لأنهم يحبوننا، بصدق.

أخى المسلم، أخوك المسيحىّ يحبّك، لأن كتابه يأمره بمحبة الناس كافةً، حتى اللاعنين والطاردين: "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم." فما بالك بحبه لنا، وما نحن بلاعنين ولا أعداء ولا طاردين لهم من ديارهم ووطنهم؟ ويقول كتابُهم: "إن قال أحدٌ إنى أحبُّ اللهَ، وأبغضَ أخاه، فهو كاذبٌ، لأن مَن لا يحبُّ أخاه الذى أبصرَه، كيف يقدر أن يحبَّ اللهَ الذى لا يبصرُه؟" كذلك يأمرنا رسولُنا: "لا يؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه." فهل تحب لنفسك أن تعيش غير آمن فى دارك وفى وطنك أو أن يُحرق مسجدك وأنت فيه ساجد؟ هل تعلم أن المسيحىّ يؤمن بمحبة الله للبشر كافة، ولا يكره أحدًا لأننا جميعًا خليقته؟ لذلك لا يكتمل إيمانُ المسيحىّ إلا بمحبته الناس، صنيعة الله. هو، جلَّ جلالُه، وحدَه، سيفصلُ بيننا بالحقِّ يومَ القيامة، فلماذا نجعل من أنفسنا ديّانين على الناس، وكلُّنا خطّائون فقراءُ إلى الله؟!

أخى المسلم الكريم، هل تعلم أن تحضّر الشعوب يُقاس بمستوى معاملة الدولة، والمجتمع، للأقليات الأجنبية الوافدة؟ وهل تعلم أن المسيحيين بمصر ليسوا وافدين، وبالتالى فلا يجوز أن تعتبرهم أقلية "وإن قلّ عددهم عن المسلمين"؛ لأنهم أصحاب بلد أصلاء، ولأن مصر ظلّت قبطية العِرق، مسيحية الديانة ستةَ قرون كاملة حتى دخلها الإسلامُ فى القرن السادس؟

وهل تعلم أن جدّك وجَدى كانا مسيحيين، وأسلما فى لحظة ما؟ فيكون الفارقُ بيننا وبين المسيحىّ المصرى الراهن؛ أن جدّك وجدى قد اختارا الإسلام دينًا فتحوّلا إليه من المسيحية، بينما جدّ أخيك المسيحىّ اختار أن يظلَّ على عقيدته المسيحية؟ وأنه بهذا أخوك وأخى بالدم والقرابة، وليس فقط بالمواطنة؟ وهل تعلم أن شكسبير قال: "‫يمكننا عمل الكثير بالحقّ، لكن بالحبّ نفعل أكثر."؟

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات