القائمة الرئيسية

الصفحات

لماذا يحتفل الكاثوليك بعيد انتقال السيدة مريم في 15 أغسطس؟

الخامس عشر من شهر أغسطس، من كل عام، تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بصعود وانتقال العذراء مريم إلى السماء، وهذا العيد له معنى لاهوتى عميق، ويعنى أن الرب رفع العذراء بجسدها وروحها إلى السماء كملكة، وسلطانة للعالم، لكى تكون بذلك مماثلة لابنها يسوع الذي انتصر على الخطيئة والموت، إن انتقال العذراء هو مساهمة فريدة مع ابنها، وتحضير لقيامة الإنسانية جمعاء، الخلود، تؤمن به جميع الأديان.. إنما قيامة الأجساد؟ أهى عقيدة أم سر خفى؟. ولكن السرَ أمرٌ لا نستطيع أن نفهمه كُليًا. الرب سرَ خفى، والمسيح يسوع هو الذي كشفه لنا، «الابن الذي في حضن الأب أخبر»، وهو لا يزال سرًا، وعلينا أن نكتشفه بالرجاء والإيمان، لقد دُعيت العذراء مريم إلى السماء منذ لحظة موتها، بكل كيانها، بنعمة الرب الذي ولدته بالجسد، والذي أراد أن يأخذها على عاتقه، وأن يرفعها إليه، إلى حيث مقرَه الأزلى، لكن لا ينبغى أن نفهم هذا «الانتقال»، في معناه التسليمى وحسب، ذلك أن العذراء أكملت بإيجابية أيضًا دعوتها كامرأة، وكأم لله، فبلغت ذروة القداسة والحب، وبذل الذات والرحمة والالتزام بمشروع ابنها. لقد صعدت إلى السماء مكتملة الصفات، كذلك فإن الربَ عندما كلَلها بالمجد، كلَل من خلالها مسبقًا كل البشرية. لأن هذ المرأة، حواء الجديدة، أصبحت أيقونة البشرية كلَها ورمزًا لها، هي التي رسمت للبشرية طريقًا تستطيع أن تقودها، هي أيضًا إلى كمال جوهرها.  إن الوجه الطوباوى لمريم يبدو اليوم حزينًا لما يحصل في العالم والشرق الأوسط، ومصر خاصةً، فالآلام تبكى المصائب والحوب التي ضربت أولادها، كما تتألم لانقساماتهم الداخلية، ولابتعادهم عن الفردوس الموعود، ووقوعهم في جحيم تملؤه الأحقاد والنيران المتلفة.  ويبلغ هذا الانتقال ذروته مع عمل السيد المسيح، مخَلص العالم، فمن جهة، نحن نؤمن أنه خلَص العالم بموته وقيامته، وقد أوصانا ألاَ نخاف، لأنه هزم الشرَ، ومن جهة ثانية نرى الشرَ مستمرًا، والعالم عاجزًا عن كسر كلَ قيود الخطيئة. إن يسوع يتألم لذلك، عبَر بأشكال مختلفة عن هذا السر بقوله: «إن المسيح سيبقى في حالة نزاع حتى نهاية الأزمنة، فليجدر بنا أن نعتبر انتصار المسيح على الشرَ نهائيًا وحاسمًا، يبدأ بانتصار شخصى له، ينمو ليصبح ملكًا للمسيح الكونى إذ تنضم إليه، في نهاية الزمان، البشرية كلَها، فيحَولها بالحب وبالنعمة، ويعطيها حالة جديدة في سماء وأرض جديدتين. والمسيح على درب السلام يرغب أن يساعده كلَ الذين يؤمنون بالإنسان المجد، يعملون من أجل عالم العدالة والتضامن والسلام. إنهم رفاق «التخَلص والتحرير»، الذين يودَون توسيع مدى هذه النعمة لتشمل البشرية جمعاء.  إنهم مع الرب، واثقون من الوصول والنجاح، حتى وإن كان عليهم، في مسيرتهم، أن يذرفوا دموعًا ويتحمَلوا الضيقات والاضطهادات، لأنه ستكون لهم أفراح تغمر القلوب، واطمئنان تتذوقه الضمائر.  ذاك هو بالنسبة لنا معنى التاريخ، الذي يجعلنا نتسَق قمم الوجود، والذي يمكَننا بالجهد والمثابرة من بلوغ أعلى القمم. إننا نرفع أنظارنا إلى العذراء سيدة الانتقال، ولمريم سيدة مصر، إلى هذه الأم الحنون التي من علياء مجدها ترمقنا بصورة مستمرة في محبتها وعنايتها، وتشفع لنا لدى ابنها يسوع حتى نهاية الدهر، ليحوَل ليلنا العاتم إلى بداية فجر

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات