القائمة الرئيسية

الصفحات

سحر الجعارة تكتب .. للأقباط الجنازات.. وللحكومة الإجازات

(اعتبروا نفسكم فى إجازة.. وريحوا أعصابكم).. عبارة غريبة وصادمة، قالتها وزيرة التضامن الاجتماعى، الدكتورة غادة والى فى زيارتها لأقباط العريش!.

عبارة تؤكد أن الحكومة لا تدرك أبعاد المأساة التى يعيشها أقباط العريش قبل وبعد عملية التهجير القسرى التى تعرّضوا لها، ولا تعرف أبعاد الكارثة السياسية التى تتعرض لها مصر.. وكأنها حكومة تجلس فى مقاعد المتفرجين، تصفق مثلنا لجهود القوات المسلحة فى الحرب على الإرهاب، لكنها لا تشارك الجيش حربه ولا تحمى ظهره، ولا تحتضن الشعب الفار من جحيم الإرهاب!!.

أنت لا تستطيع الفصل بين المسلم والمسيحى كهدف للإرهاب، ولا تملك أن تتهم الجيش أو الشرطة بالتقصير، لأن أرواح الجنود هى الهدف الأول لكل التنظيمات الإرهابية التى تسعى لهدم مصر.. لكن من حق المواطن أن يطرح عدة تساؤلات تُفسّر المشهد المؤلم الذى نعيشه، على أمل ألا يتكرّر ثانية.

1 - الأزهر والرئيس: سؤال بديهى حول لقاء رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى بالدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، خلال عملية تهجير الأقباط من العريش، هل وجه الرئيس عتاباً لفضيلة الإمام الأكبر أو نبّهه لخطورة عدم تكفير فضيلته تنظيم داعش، حتى الآن؟.

هل حمّل الرئيس للأزهر مسئولية بقاء الخطاب الدينى الملىء بفتاوى التكفير، والحفاظ على كتب التراث الملغمة بالتحريض على القتل باسم الجهاد، وعدم تصدّر رجال الأزهر للمنابر السلفية التى تحرض ليل نهار على قتل الأقباط وترويعهم واستحلال أموالهم وأعراضهم؟.

هل لا يزال الرئيس مؤمناً بقدرة الأزهر ورغبته ونيته الصافية فى تجديد الخطاب الدينى؟!.

2 - جبل الحلال: هل سقوط جبل الحلال فى يد القوات المسلحة، والانتصارات التى يحققها الجيش فى تطهير سيناء من البؤر الإرهابية، وهدم أنفاق تهريب السلاح والإرهاب من غزة.. له علاقة بشن التنظيمات الإرهابية حرب التطهير العرقى على الأقباط؟.. وإن كانت الإجابة بنعم: هل قصر الجيش فى محاربة الإرهاب؟.

بعد الهجوم الإرهابى الذى حدث فى العريش والشيخ زويد فى أكتوبر عام 2014، الذى راح ضحيته 33 جندياً مصرياً، قرّر السيسى إنشاء قطاع محاربة الإرهاب بشرق القناة وتوحيد القيادة تحت رئاسة الفريق أسامة عسكر، وأمر بتخصيص 10 مليارات جنيه لمحاربة الإرهاب وتنمية سيناء.. لكن التنظيمات الإرهابية كانت استوطنت بالفعل فى منازل مصرية بالتزاوج والمصاهرة.. بعدما أغدق المعزول مرسى على عناصر حماس بالجنسية المصرية.. وهؤلاء يقودون ما يمكن تسميته حرب عصابات، وهى أصعب من أن تتصدى لها الأسلحة الثقيلة، كما يصعب مطاردة تلك العناصر ومداهمة البيوت.. وهنا نسأل: ألا يحتاج جهاز الأمن الوطنى لأن يهتم أكثر بالأمن القومى، بدلاً من اهتمامه بـتويتر وفيس بوك؟.

3 - التصفية العرقية: هل ما يحدث لأقباط العريش هو قتل على الهوية، بعد أن أهدرت فتاوى المتطرفين الدم المسيحى ووصفت القبطى بـالذمى، ورأينا من يطالب بدفعهم الجزية، جاء تنظيم داعش يدعو إلى قتل من سمّاهم بـالصليبيين فى مصر.. فالثابت أن الأقباط يسدّدون فاتورة تخليهم عن الحياد السلبى ومناصرة ثورة 30 يونيو، وهو ما تعتبره التنظيمات الإرهابية مشاركة فى سقوط الإخوان، وبالتالى زوال أوهام دولة الخلافة الإسلامية.. فهل يستخدم البعض تلك المقولات لتدويل قضية الإرهاب فى سيناء، واستدعاء القوى الدولية، بحجة حماية الأقلية المسيحية فى سيناء؟.

4 - الصيد فى المياه العكرة: البعض يرى أن الحديث عن الإبادة العرقية للأقباط هو طعم يصطاد به أقباط المهجر تأييد الرأى العام العالمى، وإثارته ضد الرئيس السيسى قبل زيارته المرتقبة إلى واشنطن، وعلى فيس بوك ستجد عملية التحريض ضد مصر مفضوحة، فقط ادخل على صفحة المهاجر القبطى مجدى خليل، مدير منتدى الشرق الأوسط للحريات بأمريكا، ستجده يعرض حلقات مصوّرة بعنوان: زيارة السيسى لأمريكا وتهجير أقباط العريش.. وسوف تصلك مناشداته للأقباط: على كل أسرة قبطية، تم قتل أحد أفرادها أو خطف إحدى بناتها أو سيداتها، وعلى كل أسرة قبطية تم تهجيرها من العريش أو من أى مكان فى مصر. أن تتجه ويسجلوا أسماءهم فوراً فى المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فى القاهرة.. وأن يكتبوا أنهم معرضون للقتل والذبح والحرق والتهديد العائلى، وأن الدولة المصرية لم تقدم لهم أى حماية، وأنهم محرومون من حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم)!!.

ولم يكتفِ شيطان الفتنة بهذا، بل شكك فى وطنية رجال الدين القبطى، واتهمهم بالانحياز للنظام ضد الشعب.. وهو لا يدرى كيف يعمل النظام ولا كيف يعيش الشعب؟.

5 - إدارة الأزمة بالإعلام: سأختم من حيث بدأت، من الحكومة المغيبة التى تعاملت مع أزمة تهجير الأقباط من العريش بالتجاهل، وفرضت على وسائل الإعلام التابعة لها الخرس، ثم استيقظت فجأة لتجد أهالى العريش لم يحتضنهم إلا كنائس الإسماعيلية، وأن آثار الحرق والقتل والسحل مرسومة على ملامحهم.

هنا، بدأت الدولة تسخر رجالها فى الإعلام، أحدهم يصرخ: (الأمن لم يُرحل أحداً من العريش)، ثم تدفع المراسلين لانتزاع كلام سخيف عن الوحدة الوطنية من الأيتام والثكالى والأرامل.. وبلا أدنى رحمة يتتابع وزراء (الصحة، التعليم، التضامن الاجتماعى.. إلخ) فى تأكيد نظرية الإجازة، بحيث تتصور أن الأسر التى لم تشيع شهداءها ستذهب معهم إلى مدينة الملاهى.. أو أن كنوز الدنيا، (الدكتورة غادة تحدثنا عن الدعم النقدى)، ستمنح الأقباط الأمان الذى تبدّد أو الستر الذى سقط عنهم!!.

الأقباط ينتظرون العدل، كما قال بيان الكنيسة، يتوقعون عهداً تتحقق فيه حقوق المواطنة.. ويتوقف فيه النزيف، لقد عانى الأقباط الاضطهاد فى حقوقهم المدنية والدينية، واصطفوا طوابير أمام السفارات الأجنبية -فى عهد الإخوان- يبحثون عن الوطن البديل.. أما الآن فبعضهم يبحث عن الإقامة فى خريطة الأحياء، فهل هذا كثير؟.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات