ليمبياس هي قرية تتبع ابرشية سانتاندير في وسط اسبانيا ، ترتفع فوق المذبح لوحة منحوتة رائعة لربنا المصلوب يسوع المسيح .
كُتِب في مقدمة كتاب “سر السعادة” – الصلوات الخمس عشر المُلهمة من سيّدنا يسوع المسيح للقدّيسة بريجيتا ما يلي :
صورة الغلاف: المصلوب De Limpias
منذ عام 1919. وهي السنة التي رأى فيها آلاف الشهود وعدّة مرّات متكرّرة، المصلوب يفتح ويغمض عينيه أحيانًا إلى السماء، وأحيانًا في كلّ الإتجاهات. ورأوا أيضًا الدم يخرج من جراحاته التي سبّبها إكليل الشوك، والدم كاد أن يملأ وجهه وينتشر على كامل جسده.
ما هي قصة هذا المصلوب وما هي تفاصيل هذه المعجزة ؟
معجزة مصلوب ليمبياس جرت في كنيسة القديس بطرس في سانتاندير، أسبانيا، التي شيّدت في القرن 16 . وهي ليست بعيدة عن غاربانديل Garabandal، اسبانيا ، البلدة التي ظهرت فيها السيدة العذراء في الأعوام 1961-1965 . شخص المصلوب يرتفع لطول 186 سم ، ويقع مباشرة فوق المذبح الرئيسي. يوجد على جانبي الصليب، شخصان بالحجم الطبيعي لمريم العذراء الحزينة ويوحنا الحبيب.
المصلوب هو تأمّل في معاناة ويسوع المسيح في لحظات عذابه الأخيرة قبل موته على الصليب
المعجزة الأولى حدثت عام 1914 مع الراهب دون انطونيو لوبيز Don Antonio Lopez الذي دعاه الكاهن ليصلح عطل كهربائي وليُبدّل بعض المصابيح فوق المذبح الرئيسي . بعد ان عمل دون انطونيو لمدة ساعتين أخذ يمسح الغبار عن رأس المصلوب ، فجأة رأى عيني المصلوب تنغلق ببطئ ، وبقيت مغلقة لمدة دقائق معدودة . ارتبك الراهب ولم يصدّق ما يراه ، وحين اراد النزول عن السلّم وقع أرضاً . اثناء خروجه من الكنيسة صادف الشمّاس الذي اتى ليدق الأجراس ظهراً معلناً ساعة صلاة التبشير، فأخبره الراهب بما شاهد .فقال الشمّاس انه لا يستغرب فقد شاهد هو ايضاً ذلك عدة مرات ويعتقد ان هناك آلية بداخل الرأس تُغلق وتفتح عيني المصلوب .
لم يصدّق الراهب ذلك . فأخبر الكهنة في كلّية ليمبياس حيث كان يخدم ، وشهد لاحقاً انه عاد مراراً كثيراً ليعتني بتنظيف المصلوب وقد فحص وتأكّد انه ليس هناك اي آليّة في رأس المصلوب وأن العينين ثابتتين لا تتحركان .
معجزة المصلوب الثانية في لبمبياس :
كانت كنيسة القديس بطرس في ليمبياس مهجورة تقريباً فالقرية التي تقع في وسط اسبانيا وكل القرى المحيطة بها كانت تتراجع في الإيمان . في ضوء ذلك، وفي محاولة لإعادة العبادة والصلاة الى مسيحيي المنطقة ، , والحضور مجدّداً الى الكنيسة القديمة ، قرّر راعي الكنيسة، الأب توماس إتشيفاريا طلب المساعدة من الآباء الكبوشيين لمعاونته في إحياء حملة تبشيرية خاصة لعدة ايام يتخلّلها اعترافات . فحضر لتلك الغاية راهبان هما الراهب انسيلمو دي جالون والراهب اغاتانجلو Agatangelo دي سان ميغيل، وكلاهما معروف بغيرتهما الرسولية والنجاح في التبشير.
في اليوم الاخير من تلك الحملة في 30 آذار مارس احتفل بالقداس الإلهي الأسقف Archpriest D. Eduardo Miqueli . بينما كان الأب اغاتانجلو يُلقي العظة والأب جالون يستمع الى الإعترافات ، أتت الى الأب جالون فتاة في الثانية عشر من العمر وقالت له ان عينيّ المسيح على الصليب مغلقتين . تجاهل الأب جالون الأمر لأنه اعتقد انه تخيلات صبيانية . لكنّه قرّر النظر بالأمر حين جاء المزيد من الأولاد وقالوا هم ايضاً ان عينيّ المصلوب مغلقتين . فحين انهى رفيقه الأب اغاتانجلو عظته وتوجّه للإستماع هو ايضاً للإعترافات ، همس له الأب جالون ما قال له الأولاد . فرفعا اعينهم الى المصلوب لكنهم لم يروا شيئاً غير اعتيادي . فجأة هتف رجل من بين الحاضرين “أنظروا الى المصلوب”. في لحظات قليلة أكد الشعب المتأثرالحدث ، ان المسيح المصلوب فوق الهيكل يغلق عيناه ويفتحهما ويوجّه نظره الى اليمين والى اليسار ثم يرفعهما الى اعلى ، الى السماء. بدأ بعض الحضور بالبكاء ، وهتف آخرون أنهم رأوا معجزة، وقع اخرون على ركبهم في صلاة وخشوع ، بينما دعا آخرون الله طالبين الرحمة.
الكهنة ايضاً ركعوا وبدأوا بتلاوة الصلوات لكن صلاتهم اوقفها صراخ البعض ان هناك سائل يرشح من المصلوب .
فأتوا بسلّم فتسلّقه الأب الكبوشي جالون ليصل الى المصلوب فشاهد لدهشته عنق وصدر شخص يسوع المسيح المصلوب مبلّل . فلمس العنق بأصابعه فامتلأت بالسائل . ولتأكيد الحدث المذهل للمُصلّين أراهم اصابع يده المبلولة . اجتاحت الشعب مشاعر الرهبة والتأثر العميق واستمروا في الصلاة والعبادة وقتاً طويلاً .
لم يشاهد اي من الكهنة في ذلك اليوم اغلاق وفتح عيني المسيح لكن الأب اغاتانجلو شهد المعجزة تتكرّر عدة مرات حين كان وحده في الكنيسة يصلّي ليلاً . وقد رُفع تقرير الى اسقف سانتاندير تصحبه العديد من الشهادات .
في أحد الشعانين 13 نيسان 1919 دخل رجلان من اعيان البلدة الكنيسة وتوقّفا اما المذبح يتحدّثان عن “الهلوسة الجماعية” التي حدثت بخصوص المصلوب ، رفع احدهما عيناه الى اعلى الصليب فإذا به يشير اليه بيده ويقع على ركبتيه باكياً وحالاً ركع رفيقه يبكي صارخاً :”رحماك ، لقد أمنت يا رب ، رحماك !” فقد تكرّرت المعجزة امامهما .
شهادات موثقة :
كثيرون قالوا ان المسيح ، مصلوب ليمباس ،قد نظر اليهم بحنان وعطف وآخرون قالوا ان نظرته لهم كانت صارمة . رأى كثيرون الدموع في عينيه ولاحظ آخرون قطرات من الدم نازلة من جبهته التي تخترقها أشواك الإكليل . شاهد البعض الزبَد على شفتيه وآخرون قالوا انهم رأوا العرق يعلو جسده . قال البعض انهم رأوا عينيه تتحوّل ببطئ يميناً ويساراً وأنها تحرّكت بالنظر على جميع المؤمنين كأنه يباركهم . آخرون قالوا انّهم أحسّوا بالمصلوب يتنهّد بصعوبة ومثل تأوّه صدر من أعماق صدره . آخرون يؤمنون انهم شاهدوه يهمس … باختصار ، لوحظت ظواهر كثيرة متنوّعة تصدر عن مصلوب كنيسة ليمبياس …
ألبومات متعددة تم العثور عليها في خزائن كنيسة ليمبياس ، تحتوي على ما يزيد عن 8000 شهادة من الذين رأوا الظواهر الرائعة وقد حلفوا اليمين على صدق شهادتهم . ومن بين هؤلاء الشهود أساقفة ، كهنة ، بارونات ، سياسيين وشخصيات أخرى وأطباء ومحامين وأساتذة جامعات، وضباط وتجار وعمال ، وحتى كُفّار وملحدين . بحلول عام 1921 فاقت ليمبياس لورد بعدد الحجّاج القادمين اليها
بسبب التقارير الصحفية ، تقارير تحتوي على تفاصيل مدهشة ، بدأ الحجّاج من البلدات القريبة والبعيدة يصلون الى لمبياس، فانتشرت الأخبار إلى جميع أنحاء إسبانيا، ومن ثم إلى بلدان أخرى في اوروبا وأسيا ووصلت حتى الى الولايات المتحدة.
أحد الصحفيين الذي شاهد بذهول الأعجوبة كتب : استطعت رؤية حركتين صادرتين من عظم الفكّ ، كما لو كان يتكلّم ويقول كلمتين او كلمة من مقطعين . أغلقت عينيّ وسألت نفسي “ما عساه قد قال؟” الجواب لم يتأخر بالوصول ! في اعماق نفسي سمعت بكل وضوح الكلمات المباركة “أحببني !”
هناك أيضا شهادة الدكتور إيربيرتو دي لا فيلا D. Heriberto de la Villa وقد عرّف عن نفسه بأنه كان ملحداً عندما قرّر زيارة الكنيسة في ليمبياس … وقد نُشرت شهادته في صحيفة “ديل بويبلو”“Del Pueblo Astur” في 8 تموز/يوليو 1919. وبدأها بإعلانه ما يلي: “… الإيحاء الذاتي هو تماما غير وارد هنا ، لأنني لم أكن مؤمناً بأن هناك معجزات عندما ذهبت. ”
ذهب إلى الكنيسة بناء على طلب من أحد أصدقائه ورأى حركة العينين والفم. شكّ بما يشاهده، فقام بتغيير مكانه في الكنيسة للتاكد من رؤيته لتلك الحركات .
“نظر إليّ المصلوب نظرة رهيبة مليئة بالغضب، مما يجعلني أرتجف، ولم أستطع إلا أن أحني رأسي للأسفل … بعد حين رفعت نظري اليه فشاهدته ينظر الى اليمين مُحنياً رأسه فتمكّنت من رؤية اكليل الشوك من الخلف . ومرة أخرى انتقلت عيناه إليّ في نفس النظرة الغاضبة مما أثّرت بي تأثيراً عميقاً ، مما اضطرّني الى مغادرة الكنيسة “.
لكنه عاد اليها في وقت لاحق :”… شيئا فشيئا أصبح الصدر والوجه باللون الأزرق الداكن، والعيون تتحرك إلى اليمين واليسار، صعودا وهبوطا، ويفتح فمه إلى حد ما، كما لو كان يتنفس بصعوبة. هذا رأيته يحدث لمدة خمسة عشر إلى عشرين دقيقة … كما أنني لاحظت جرحاً فوق الحاجب الأيسر ، سالت منه قطرة دم و ملأت الحاجب ، وبقيت ثابتة على الجفن. بعدها رأيت قطرة دم أخرى تسقط من إكليل الشوك وتدفق على الوجه . أمكنني أن أتبيّنها بوضوح، لأن لونها كان أحمر جدا ويتناقض مع لون الوجه الأزرق الداكن . ثم رأيت كمية من الدم تقطر من تاج الشوك على الكتف، ولكن دون أن تقع على الوجه.
بعد ذلك فتح فمه واسعاً ، وقد امتلأ زبداً ابيضاً . في تلك اللحظة اعتلى كاهن دومينيكاني المنبر، وعندها ثبت نظر المسيح على الكاهن لمدة خمس أو ست دقائق … ”
“عندما أتمّ الكاهن عظته أنهاها مُعلناً :” والآن، الرب يسوع المسيح، يعطينا بركته “. في الحال فتح المسيح عينيه وفمه، وهو يبتسم، وأحنى رأسه الى الأمام ، كما لو أنه يمنح البركة .
في تلك اللحظة سألني شخص كان يقف بالقرب مني إذا كنت أجرؤ أن أحلف اليمين على ما رأيت … أراد المسيح أن يثبت لي صحة ما رأيت، ففتح فمه مرة أخرى ، وتدفق منه زبد ودم بكميات كبيرة وبشكل واضح تماما … أدركت إنه من الآن واجبي أن أقسم اليمين على ما كنت قد رأيت، وأنا فعلت ذلك في مكتب الكنيسة. “
شهادة أخرى كتبها لأب فالنتين Incio خيخون يقول انه زار يمبياس على 4 أغسطس 1919 ضمن مجموعة من الحجاج تضمّ اثنين من الكهنة، 10 بحّارا وامرأة كانت تبكي بتأثر. الأب Incio كتب:
“في البداية بدا ربّنا على قيد الحياة. محافظاً على وضعية رأسه المعتادة وملامحه طبيعية ، ولكن كانت عيناه مليئة بالحياة وتنظران الى مختلف الإتجاهات … ثم وجّه بصره نحو المركز، حيث وقف البحارة، وأبقى نظره عليهم لفترة طويلة. ثم تطلّع إلى اليسار نحو السكرستيا بنظرة طويلة صارمة . ثم حصلت أكثر اللحظات المؤثرة . نظر يسوع الى كل واحد منا، ولكن برقّة ولطف نظرة معبّرة ، نظرة إلهية ملؤها الحبّ . فركعنا وسجدنا جميعا باكين بخشوع وعبادة .. كانت عينا يسوع مغرورقتان بالدموع. ثم حرّك شفتيه بلطف كما لو كان يقول شيئا أو يصلّي .
أما الدكتور بيناماريا Dr. Penamaria فقد كتب شهادته في صحيفة لا مونتانا في ايار 1920 ، وصف فيها ما سمّاه “إعادة حدث موت المسيح على الصليب”.
كتب الدكتور انه بعد ان شاهد حركة العيون والفم الصادرتان عن مصلوب ليمبياس وبعد ان تنقّل في عدة مواقع بالكنيسة للتأكد من الأعجوبة صلّى في داخله من اجل ان يعطيه الرب إثبات اقوى وإستثنائي ، يختلف عما شاهده حتى الآن . من شأنه ان لا يترك اي مجال للشك :”شيئاً يعطيني اسباب ايجابية للمعجزة ، لدرجة ان أقدر بالمجاهرة به للجميع وبدون اي استثناء ، والدفاع عن هذه الظواهر فوق الطبيعة ضد كل معارض حتى لو واجهت خطر فقدان حياتي” .
ثم كتب ما يلي :”يبدو ان طلبي هذا قد نال رضى الرب … دقيقة بعد ذلك التوى فم المصلوب بحدة الى جهة اليسار ، رفع نظره بعينيه المليئتين بالألم الى السماء بتعبير حزين للغاية . شفتاه الرصاصيتان اللون بدت كأنها ترتجف . عضلات العنق والصدر انقبضت وتقلّصت مما جعل الرب يجاهد من اجل التنفّس .
أظهرت ملامح ومعالم المصلوب عمق آلامه العنيفة ونزاعه الأخير قبل الموت . بدت يداه كأنها تحاول التحرّر من الصليب في حركات الى الأمام والخلف ، مُظهرة بوضوح ، عذاب الثقوب الذي تسبّبت فيها المسامير مع كل حركة يقوم بها .
تلى ذلك محاولات جاهدة للتنفّس مرة .، مرتين … ثلاثة … لا اعلم كم … دائماً مع جهد مؤلم .
بعدها تشنّج جسده المُرهق كما الحال مع شخص يختنق ويصارع من اجل الهواء . حيث توسّعت فتحات الفم والأنف، تبعه تدفّق الدم يسيل مع الزبد ، يجري على الشفّة السفلى والذي دخل فمه كلّما حاول التنفّس وغطّى لسانه المزرّق المرتعش ، فمرّره مرتين او ثلاثة على شفّته الدامية . ثم لحظة راحة قصيرة … وتنفّس بطيء آخر …
الآن اصبح الأنف مدبّب ، الشفاه مضمومة معاً بشكل متوازن ، ومن ثمّ ارتخاء ، توسّع الصدر ثم انقبض بعنف . بعدها سقط راسه وارتخى على صدره ، بحيث اصبح رؤية مؤخرة الراس ممكناً . ثم … أسلم الروح !!
لقد حاولت أن أصف بخطوط عريضة ما شاهدته خلال أكثر من ساعتين.” بهذا انتهت شهادة الدكتور بيناماريا .
رافقت الظاهرة في كل فترة حدوثها ، الكثير من الشفاءات والعجائب والإرتدادات . توقفت الظاهرة بالتمام بعد عدة سنوات . وقد زار السفير البابوي الكنيسة عام 1921 وشاهد بنفسه مع كل مرافقيه المعجزة . اما الرأي الرسمي للكنيسة الكاثوليكية بالحدث ، فبعد دراسة الملف الذي أرسله الأسقف سانشيز دي كاسترو ، Bishop Sanchez de Castro أسقف سانتاندير (الأبرشية التي تنتمي اليها ليمبياس) فقد أصدر الفاتيكان في 19 يوليو 1921 قراراً بمنح الغفران الكامل لمدة سبع سنوات لجميع المؤمنين الذين يزورون مصلوب ليمبياس .
* يـــــا ربّــنــــــــا يــــســـــوع الـــمـــســيـــح الـــمـصــلــوب ، إرحــمــنـــا .
كُتِب في مقدمة كتاب “سر السعادة” – الصلوات الخمس عشر المُلهمة من سيّدنا يسوع المسيح للقدّيسة بريجيتا ما يلي :
صورة الغلاف: المصلوب De Limpias
منذ عام 1919. وهي السنة التي رأى فيها آلاف الشهود وعدّة مرّات متكرّرة، المصلوب يفتح ويغمض عينيه أحيانًا إلى السماء، وأحيانًا في كلّ الإتجاهات. ورأوا أيضًا الدم يخرج من جراحاته التي سبّبها إكليل الشوك، والدم كاد أن يملأ وجهه وينتشر على كامل جسده.
ما هي قصة هذا المصلوب وما هي تفاصيل هذه المعجزة ؟
معجزة مصلوب ليمبياس جرت في كنيسة القديس بطرس في سانتاندير، أسبانيا، التي شيّدت في القرن 16 . وهي ليست بعيدة عن غاربانديل Garabandal، اسبانيا ، البلدة التي ظهرت فيها السيدة العذراء في الأعوام 1961-1965 . شخص المصلوب يرتفع لطول 186 سم ، ويقع مباشرة فوق المذبح الرئيسي. يوجد على جانبي الصليب، شخصان بالحجم الطبيعي لمريم العذراء الحزينة ويوحنا الحبيب.
المصلوب هو تأمّل في معاناة ويسوع المسيح في لحظات عذابه الأخيرة قبل موته على الصليب
المعجزة الأولى حدثت عام 1914 مع الراهب دون انطونيو لوبيز Don Antonio Lopez الذي دعاه الكاهن ليصلح عطل كهربائي وليُبدّل بعض المصابيح فوق المذبح الرئيسي . بعد ان عمل دون انطونيو لمدة ساعتين أخذ يمسح الغبار عن رأس المصلوب ، فجأة رأى عيني المصلوب تنغلق ببطئ ، وبقيت مغلقة لمدة دقائق معدودة . ارتبك الراهب ولم يصدّق ما يراه ، وحين اراد النزول عن السلّم وقع أرضاً . اثناء خروجه من الكنيسة صادف الشمّاس الذي اتى ليدق الأجراس ظهراً معلناً ساعة صلاة التبشير، فأخبره الراهب بما شاهد .فقال الشمّاس انه لا يستغرب فقد شاهد هو ايضاً ذلك عدة مرات ويعتقد ان هناك آلية بداخل الرأس تُغلق وتفتح عيني المصلوب .
لم يصدّق الراهب ذلك . فأخبر الكهنة في كلّية ليمبياس حيث كان يخدم ، وشهد لاحقاً انه عاد مراراً كثيراً ليعتني بتنظيف المصلوب وقد فحص وتأكّد انه ليس هناك اي آليّة في رأس المصلوب وأن العينين ثابتتين لا تتحركان .
معجزة المصلوب الثانية في لبمبياس :
كانت كنيسة القديس بطرس في ليمبياس مهجورة تقريباً فالقرية التي تقع في وسط اسبانيا وكل القرى المحيطة بها كانت تتراجع في الإيمان . في ضوء ذلك، وفي محاولة لإعادة العبادة والصلاة الى مسيحيي المنطقة ، , والحضور مجدّداً الى الكنيسة القديمة ، قرّر راعي الكنيسة، الأب توماس إتشيفاريا طلب المساعدة من الآباء الكبوشيين لمعاونته في إحياء حملة تبشيرية خاصة لعدة ايام يتخلّلها اعترافات . فحضر لتلك الغاية راهبان هما الراهب انسيلمو دي جالون والراهب اغاتانجلو Agatangelo دي سان ميغيل، وكلاهما معروف بغيرتهما الرسولية والنجاح في التبشير.
في اليوم الاخير من تلك الحملة في 30 آذار مارس احتفل بالقداس الإلهي الأسقف Archpriest D. Eduardo Miqueli . بينما كان الأب اغاتانجلو يُلقي العظة والأب جالون يستمع الى الإعترافات ، أتت الى الأب جالون فتاة في الثانية عشر من العمر وقالت له ان عينيّ المسيح على الصليب مغلقتين . تجاهل الأب جالون الأمر لأنه اعتقد انه تخيلات صبيانية . لكنّه قرّر النظر بالأمر حين جاء المزيد من الأولاد وقالوا هم ايضاً ان عينيّ المصلوب مغلقتين . فحين انهى رفيقه الأب اغاتانجلو عظته وتوجّه للإستماع هو ايضاً للإعترافات ، همس له الأب جالون ما قال له الأولاد . فرفعا اعينهم الى المصلوب لكنهم لم يروا شيئاً غير اعتيادي . فجأة هتف رجل من بين الحاضرين “أنظروا الى المصلوب”. في لحظات قليلة أكد الشعب المتأثرالحدث ، ان المسيح المصلوب فوق الهيكل يغلق عيناه ويفتحهما ويوجّه نظره الى اليمين والى اليسار ثم يرفعهما الى اعلى ، الى السماء. بدأ بعض الحضور بالبكاء ، وهتف آخرون أنهم رأوا معجزة، وقع اخرون على ركبهم في صلاة وخشوع ، بينما دعا آخرون الله طالبين الرحمة.
الكهنة ايضاً ركعوا وبدأوا بتلاوة الصلوات لكن صلاتهم اوقفها صراخ البعض ان هناك سائل يرشح من المصلوب .
فأتوا بسلّم فتسلّقه الأب الكبوشي جالون ليصل الى المصلوب فشاهد لدهشته عنق وصدر شخص يسوع المسيح المصلوب مبلّل . فلمس العنق بأصابعه فامتلأت بالسائل . ولتأكيد الحدث المذهل للمُصلّين أراهم اصابع يده المبلولة . اجتاحت الشعب مشاعر الرهبة والتأثر العميق واستمروا في الصلاة والعبادة وقتاً طويلاً .
لم يشاهد اي من الكهنة في ذلك اليوم اغلاق وفتح عيني المسيح لكن الأب اغاتانجلو شهد المعجزة تتكرّر عدة مرات حين كان وحده في الكنيسة يصلّي ليلاً . وقد رُفع تقرير الى اسقف سانتاندير تصحبه العديد من الشهادات .
في أحد الشعانين 13 نيسان 1919 دخل رجلان من اعيان البلدة الكنيسة وتوقّفا اما المذبح يتحدّثان عن “الهلوسة الجماعية” التي حدثت بخصوص المصلوب ، رفع احدهما عيناه الى اعلى الصليب فإذا به يشير اليه بيده ويقع على ركبتيه باكياً وحالاً ركع رفيقه يبكي صارخاً :”رحماك ، لقد أمنت يا رب ، رحماك !” فقد تكرّرت المعجزة امامهما .
شهادات موثقة :
كثيرون قالوا ان المسيح ، مصلوب ليمباس ،قد نظر اليهم بحنان وعطف وآخرون قالوا ان نظرته لهم كانت صارمة . رأى كثيرون الدموع في عينيه ولاحظ آخرون قطرات من الدم نازلة من جبهته التي تخترقها أشواك الإكليل . شاهد البعض الزبَد على شفتيه وآخرون قالوا انهم رأوا العرق يعلو جسده . قال البعض انهم رأوا عينيه تتحوّل ببطئ يميناً ويساراً وأنها تحرّكت بالنظر على جميع المؤمنين كأنه يباركهم . آخرون قالوا انّهم أحسّوا بالمصلوب يتنهّد بصعوبة ومثل تأوّه صدر من أعماق صدره . آخرون يؤمنون انهم شاهدوه يهمس … باختصار ، لوحظت ظواهر كثيرة متنوّعة تصدر عن مصلوب كنيسة ليمبياس …
ألبومات متعددة تم العثور عليها في خزائن كنيسة ليمبياس ، تحتوي على ما يزيد عن 8000 شهادة من الذين رأوا الظواهر الرائعة وقد حلفوا اليمين على صدق شهادتهم . ومن بين هؤلاء الشهود أساقفة ، كهنة ، بارونات ، سياسيين وشخصيات أخرى وأطباء ومحامين وأساتذة جامعات، وضباط وتجار وعمال ، وحتى كُفّار وملحدين . بحلول عام 1921 فاقت ليمبياس لورد بعدد الحجّاج القادمين اليها
بسبب التقارير الصحفية ، تقارير تحتوي على تفاصيل مدهشة ، بدأ الحجّاج من البلدات القريبة والبعيدة يصلون الى لمبياس، فانتشرت الأخبار إلى جميع أنحاء إسبانيا، ومن ثم إلى بلدان أخرى في اوروبا وأسيا ووصلت حتى الى الولايات المتحدة.
أحد الصحفيين الذي شاهد بذهول الأعجوبة كتب : استطعت رؤية حركتين صادرتين من عظم الفكّ ، كما لو كان يتكلّم ويقول كلمتين او كلمة من مقطعين . أغلقت عينيّ وسألت نفسي “ما عساه قد قال؟” الجواب لم يتأخر بالوصول ! في اعماق نفسي سمعت بكل وضوح الكلمات المباركة “أحببني !”
هناك أيضا شهادة الدكتور إيربيرتو دي لا فيلا D. Heriberto de la Villa وقد عرّف عن نفسه بأنه كان ملحداً عندما قرّر زيارة الكنيسة في ليمبياس … وقد نُشرت شهادته في صحيفة “ديل بويبلو”“Del Pueblo Astur” في 8 تموز/يوليو 1919. وبدأها بإعلانه ما يلي: “… الإيحاء الذاتي هو تماما غير وارد هنا ، لأنني لم أكن مؤمناً بأن هناك معجزات عندما ذهبت. ”
ذهب إلى الكنيسة بناء على طلب من أحد أصدقائه ورأى حركة العينين والفم. شكّ بما يشاهده، فقام بتغيير مكانه في الكنيسة للتاكد من رؤيته لتلك الحركات .
“نظر إليّ المصلوب نظرة رهيبة مليئة بالغضب، مما يجعلني أرتجف، ولم أستطع إلا أن أحني رأسي للأسفل … بعد حين رفعت نظري اليه فشاهدته ينظر الى اليمين مُحنياً رأسه فتمكّنت من رؤية اكليل الشوك من الخلف . ومرة أخرى انتقلت عيناه إليّ في نفس النظرة الغاضبة مما أثّرت بي تأثيراً عميقاً ، مما اضطرّني الى مغادرة الكنيسة “.
لكنه عاد اليها في وقت لاحق :”… شيئا فشيئا أصبح الصدر والوجه باللون الأزرق الداكن، والعيون تتحرك إلى اليمين واليسار، صعودا وهبوطا، ويفتح فمه إلى حد ما، كما لو كان يتنفس بصعوبة. هذا رأيته يحدث لمدة خمسة عشر إلى عشرين دقيقة … كما أنني لاحظت جرحاً فوق الحاجب الأيسر ، سالت منه قطرة دم و ملأت الحاجب ، وبقيت ثابتة على الجفن. بعدها رأيت قطرة دم أخرى تسقط من إكليل الشوك وتدفق على الوجه . أمكنني أن أتبيّنها بوضوح، لأن لونها كان أحمر جدا ويتناقض مع لون الوجه الأزرق الداكن . ثم رأيت كمية من الدم تقطر من تاج الشوك على الكتف، ولكن دون أن تقع على الوجه.
بعد ذلك فتح فمه واسعاً ، وقد امتلأ زبداً ابيضاً . في تلك اللحظة اعتلى كاهن دومينيكاني المنبر، وعندها ثبت نظر المسيح على الكاهن لمدة خمس أو ست دقائق … ”
“عندما أتمّ الكاهن عظته أنهاها مُعلناً :” والآن، الرب يسوع المسيح، يعطينا بركته “. في الحال فتح المسيح عينيه وفمه، وهو يبتسم، وأحنى رأسه الى الأمام ، كما لو أنه يمنح البركة .
في تلك اللحظة سألني شخص كان يقف بالقرب مني إذا كنت أجرؤ أن أحلف اليمين على ما رأيت … أراد المسيح أن يثبت لي صحة ما رأيت، ففتح فمه مرة أخرى ، وتدفق منه زبد ودم بكميات كبيرة وبشكل واضح تماما … أدركت إنه من الآن واجبي أن أقسم اليمين على ما كنت قد رأيت، وأنا فعلت ذلك في مكتب الكنيسة. “
شهادة أخرى كتبها لأب فالنتين Incio خيخون يقول انه زار يمبياس على 4 أغسطس 1919 ضمن مجموعة من الحجاج تضمّ اثنين من الكهنة، 10 بحّارا وامرأة كانت تبكي بتأثر. الأب Incio كتب:
“في البداية بدا ربّنا على قيد الحياة. محافظاً على وضعية رأسه المعتادة وملامحه طبيعية ، ولكن كانت عيناه مليئة بالحياة وتنظران الى مختلف الإتجاهات … ثم وجّه بصره نحو المركز، حيث وقف البحارة، وأبقى نظره عليهم لفترة طويلة. ثم تطلّع إلى اليسار نحو السكرستيا بنظرة طويلة صارمة . ثم حصلت أكثر اللحظات المؤثرة . نظر يسوع الى كل واحد منا، ولكن برقّة ولطف نظرة معبّرة ، نظرة إلهية ملؤها الحبّ . فركعنا وسجدنا جميعا باكين بخشوع وعبادة .. كانت عينا يسوع مغرورقتان بالدموع. ثم حرّك شفتيه بلطف كما لو كان يقول شيئا أو يصلّي .
أما الدكتور بيناماريا Dr. Penamaria فقد كتب شهادته في صحيفة لا مونتانا في ايار 1920 ، وصف فيها ما سمّاه “إعادة حدث موت المسيح على الصليب”.
كتب الدكتور انه بعد ان شاهد حركة العيون والفم الصادرتان عن مصلوب ليمبياس وبعد ان تنقّل في عدة مواقع بالكنيسة للتأكد من الأعجوبة صلّى في داخله من اجل ان يعطيه الرب إثبات اقوى وإستثنائي ، يختلف عما شاهده حتى الآن . من شأنه ان لا يترك اي مجال للشك :”شيئاً يعطيني اسباب ايجابية للمعجزة ، لدرجة ان أقدر بالمجاهرة به للجميع وبدون اي استثناء ، والدفاع عن هذه الظواهر فوق الطبيعة ضد كل معارض حتى لو واجهت خطر فقدان حياتي” .
ثم كتب ما يلي :”يبدو ان طلبي هذا قد نال رضى الرب … دقيقة بعد ذلك التوى فم المصلوب بحدة الى جهة اليسار ، رفع نظره بعينيه المليئتين بالألم الى السماء بتعبير حزين للغاية . شفتاه الرصاصيتان اللون بدت كأنها ترتجف . عضلات العنق والصدر انقبضت وتقلّصت مما جعل الرب يجاهد من اجل التنفّس .
أظهرت ملامح ومعالم المصلوب عمق آلامه العنيفة ونزاعه الأخير قبل الموت . بدت يداه كأنها تحاول التحرّر من الصليب في حركات الى الأمام والخلف ، مُظهرة بوضوح ، عذاب الثقوب الذي تسبّبت فيها المسامير مع كل حركة يقوم بها .
تلى ذلك محاولات جاهدة للتنفّس مرة .، مرتين … ثلاثة … لا اعلم كم … دائماً مع جهد مؤلم .
بعدها تشنّج جسده المُرهق كما الحال مع شخص يختنق ويصارع من اجل الهواء . حيث توسّعت فتحات الفم والأنف، تبعه تدفّق الدم يسيل مع الزبد ، يجري على الشفّة السفلى والذي دخل فمه كلّما حاول التنفّس وغطّى لسانه المزرّق المرتعش ، فمرّره مرتين او ثلاثة على شفّته الدامية . ثم لحظة راحة قصيرة … وتنفّس بطيء آخر …
الآن اصبح الأنف مدبّب ، الشفاه مضمومة معاً بشكل متوازن ، ومن ثمّ ارتخاء ، توسّع الصدر ثم انقبض بعنف . بعدها سقط راسه وارتخى على صدره ، بحيث اصبح رؤية مؤخرة الراس ممكناً . ثم … أسلم الروح !!
لقد حاولت أن أصف بخطوط عريضة ما شاهدته خلال أكثر من ساعتين.” بهذا انتهت شهادة الدكتور بيناماريا .
رافقت الظاهرة في كل فترة حدوثها ، الكثير من الشفاءات والعجائب والإرتدادات . توقفت الظاهرة بالتمام بعد عدة سنوات . وقد زار السفير البابوي الكنيسة عام 1921 وشاهد بنفسه مع كل مرافقيه المعجزة . اما الرأي الرسمي للكنيسة الكاثوليكية بالحدث ، فبعد دراسة الملف الذي أرسله الأسقف سانشيز دي كاسترو ، Bishop Sanchez de Castro أسقف سانتاندير (الأبرشية التي تنتمي اليها ليمبياس) فقد أصدر الفاتيكان في 19 يوليو 1921 قراراً بمنح الغفران الكامل لمدة سبع سنوات لجميع المؤمنين الذين يزورون مصلوب ليمبياس .
* يـــــا ربّــنــــــــا يــــســـــوع الـــمـــســيـــح الـــمـصــلــوب ، إرحــمــنـــا .
تعليقات
إرسال تعليق