القائمة الرئيسية

الصفحات

"أسامة سلامة" يكتب : الصليب موجود.. لكن أين الكنيسة؟

حقّقت الكنيسة غرضها.

وأضيف نص يؤكد وجود الصليب على منارة الكنائس عند بنائها، وهو أمر كان ضروريا ومطلبا ليس لدى المسيحيين فقط، لكن عند معظم المسلمين المهتمين بالمواطنة والمتعاطفين مع حصول الأقباط على حقوقهم، حتى إن الفنانة منى ذكى دشنت هاتشاج حظى بتفاعل كبير على تويتر بعنوان "أنا مسلمة والصليب لا يؤذينى".

لكن الأهم من وجود الصليب من عدمه -رغم أهميته- هل سيسمح ببناء الكنائس بالفعل؟ وهل سنجد كنائس فى القرى الغائبة عنها، والتى يسعى المسيحيون إلى بنائها منذ سنوات دون جدوى؟

الإجابة: أشك فى ذلك.

لأن قانون بناء الكنائس إذا صدر بصيغته التى تم الانتهاء إليها، بالتوافق بين الكنيسة والحكومة سيؤدى إلى عدم بناء كنائس فى معظم قرى مصر، وعلى سبيل المثال قرية "كوم اللوفى" التى شهدت أحداثا طائفية بسبب شائعة الشروع فى بناء كنيسة، وقال كل من مقرئ وإمام مسجد القرية تعليقا على هذه الأحداث، فى تصريحات بجريدة الأهرام "مصر بلد إسلامى ولا يجوز بها بناء الكنائس، وعدد المسيحيين فى القرية قليل ولا يتجاوز الخمسمئة، نحو 7%، ولذا لا يمكن لهم بناء كنيسة لأنهم أقلية فى البلد"، فهل سيغيّر هذا الإمام موقفه هو ومن معه ممن أثاروا الفتنة فى القرية بعد صدور القانون؟

أم سيستغلون نصوص القانون الملتبسة، لمنع بناء الكنيسة، وأهمّها المادة التى تنص على "يراعى أن تكون مساحة الكنيسة المطلوب الترخيص بإنشائها وملحق الكنيسة على نحو يتناسب مع عدد وحاجة المسيحيين مع مراعاة معدلات النمو السكانى".

هذا النص الغامض سيجعل بناء الكنائس مستحيلا، فما المساحة المناسبة؟ ومن يحدد العدد الملائم؟ وإذا أعطى المحافظ الرخصة، فمن يضمن عدم الطعن على قرار المحافظ من هذا الإمام ومن على شاكلته، بدعوى عدم مناسبة العدد أو ملائمة المساحة؟ ووقتها سيصبح الأمر بين يدى القضاء الذى لا ندرى متى يحكم فى الدعوى؟

نفس الأمر سيتكرر إذا خاف المحافظ ورفض منح التصريح ولجأ المسيحيون للقضاء؟ أو إذا لم يصرح بالموافقة أو الرفض لمدة أربعة شهور، وهى المدة التى حددها القانون للمحافظ للرد على طلب الترخيص، وعندها سيلجأ المسيحيون أيضا لإقامة دعوى ضد قرار المحافظ السلبى، أى إن الأمر فى كل الحالات سيصبح فى يد القضاء، والذى حكمه فى علم الغيب.

"كوم اللوفى" مجرّد مثال لما سيحدث فى معظم القرى، خصوصا فى الصعيد، وبذلك سيوضع القانون على الرف ولن يطبق، وستتحول الكنائس إلى مبانٍ مع إيقاف التنفيذ، ويصبح الصليب جاهزا، لكن الكنيسة نفسها غير موجودة، ولسان حال الأقباط يقول "ادّونى الصليب وخدوا الكنيسة" أو "بنينا الكنيسة لكن مفتاحها معاهم"!

هذا مثال واحد للمواد المملوءة بالعوار والعيوب، والتى ستحول دون بناء الكنائس بالقانون، بعد أن كان عدم بنائها بسبب عدم وجود القانون، لذا أتمنى أن يرفض البرلمان هذا القانون المعيب، ويستجيب لمطالب كثير من المسيحيين، ويعقد جلسات استماع حوله، يستضيف فيها من لهم ملاحظات عليه، حتى يصدر قانون يحقق الهدف منه.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات