القائمة الرئيسية

الصفحات

تنشر تفاصيل مفاوضات مصر وإثيوبيا بحضور إسرائيل لاستعادة "دير السلطان" فى القدس بعد 46 عاماً من استيلاء "الأحباش" عليه

حصلت «الوطن» على نسخة من التقرير الذى رفعه الوفد الكنسى المُشكل من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، للتفاوض مع الكنيسة الإثيوبية حول استعادة دير السلطان فى القدس المحتلة، من الأحباش الإثيوبيين، وترميمه.

«الإثيوبية» تطالب بالترميم العاجل للدير وإرجاء «الحيازة» لوقت لاحق.. والوفد القبطى يتمسك بالحل الشامل.. والسفارة: لا تنازل عن حق الأقباط فى ملكيته

ويضم الوفد الكنسى، الأنبا أنطونيوس مطران القدس والشرق الأدنى، والأنبا بيمن أسقف نقادة وقوص ومسئول العلاقات بين الكنيستين المصرية والإثيوبية، والأنبا يوسف، أسقف جنوبى الولايات المتحدة الأمريكية، والأنبا رافائيل، الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة وسكرتير المجمع المقدس، ورفع الوفد تقريره إلى البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتضمن تفاصيل الجولة الأولى من المفاوضات التى بدأت الشهر الجارى، فى القدس المحتلة. وأشار الوفد فى تقريره إلى أن الجولة الأولى من المفاوضات عقدت فى بطريركية الروم الأرثوذكس بالقدس، فى حضور بطريرك الروم الأرثوذكس، والوفد الإثيوبى برئاسة مطران القدس للإثيوبيين والمسئولين عن المقدسات الإثيوبية فى القدس، ومندوبين عن السفارة المصرية والسفارة الإثيوبية بتل أبيب، ومندوبين عن وزارة الأديان الإسرائيلية ووزارة الداخلية الإسرائيلية.

وأوضح التقرير أن بطريرك الروم بدأ الجولة وتطرق إلى عدة أمور منها «أهمية المحبة المسيحية وروح التسامح لحل المشكلة، وخطورة الوضع الحالى لمبانى دير السلطان وحاجته العاجلة للترميم، فى ظل التأثير الضار للوضع الحالى للمبانى على الصحة العامة، والتنبيه على أنه إذا لم تصل المفاوضات لاتفاق سيكون هذا مبرراً لتدخل طرف ثالث، وهو الحكومة الإسرائيلية لإتمام الترميم دون موافقة أحد، ولن تستطيع أية جهة بما فيها الحكومة المصرية التدخل لإيقاف الترميم حتى يوجد حل عادل وشامل، ولا يفضل أن تصل الأمور إلى هذا الحد»، وطالب البطريرك بالتركيز الآن على الموافقة على الترميم، وإرجاء المشكلة التاريخية والقانونية لوقت لاحق.

وتابع الوفد فى تقريره، أنه بعد كلمة بطريرك الروم، تحدث مندوب وزير الداخلية الإسرائيلية، وركز على أن البنية التحتية لدير السلطان تزداد سوءاً، وأن الحكومة الإسرائيلية ليست طرفاً فى النزاع حول دير السلطان، وأنه يؤيد حلاً بين الكنيستين دون تدخل طرف ثالث، مع ضرورة أن يترفع الجميع فوق الحاجز النفسى، والتركيز على الترميم فقط الآن، وفصله عن الشق التاريخى والقانونى، فضلاً عن حرص الحكومة الإسرائيلية على اتفاقية (الاستاتسكو) لعام 1898 التى تقضى بعدم المساس بالوضع الراهن للأماكن المقدسة، بما فيه دير السلطان بوضعه الحالى، وعرض استعداد الحكومة الإسرائيلية تمويل الترميم. وأشار التقرير إلى أن المندوب الإسرائيلى، قال صراحة فى كلمته: «مهمتنا هى الترميم فقط، وما عدا ذلك فهو فى مستوى أعلى منا».

وأشار الوفد الكنسى، فى تقريره، إلى أنه لاحظ تحيزاً واضحاً من المتحدثين باسم الكنيسة الإثيوبية، وكان تركيزهم على إنجاز الترميم دون أية ضمانات لاسترداد الأقباط حقهم فى ملكية وحيازة دير السلطان، مع ضغط واضح على الأقباط لقبول هذا، وإلا سيتدخل طرف ثالث وهو الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ الترميم بغض النظر عن موافقة الأقباط.

وتابع: «علقنا على كلامه بأن التصالح ليس مبنياً فقط على المحبة والتسامح وإنما أيضاً على العدل وإرجاع الحق لإصحابه ومدينة أورشليم هى أوضح مثال لتلاقى الرحمة والعدل معاً، وأكدنا أن الكنيسة القبطية لن تقبل إلا بحل شامل وعادل للقضية كلها، ولا يمكن فصل الشق التاريخى والقانونى عن الترميم، ولكن يمكن إعطاء الترميم أولوية فى اتفاقية الحل الشامل لمشكلة دير السلطان، خصوصاً أن قضيته معلقة الآن لمدة 46 سنة من تاريخ أحدث حكم قضائى نص على حق الأقباط فى ملكية وحيازة دير السلطان، 

ولا يمكن تأجيل التفاوض لحل هذه المشكلة لوقت لاحق، والتأكيد على علاقة المحبة بين الكنيستين القبطية والإثيوبية وأن حل هذه المشكلة سيزيد من رباط المحبة بينهما، وسيكون له صدى على المستوى الكنسى والمصرى والوطنى والسياسى والشعبى، كما أكدنا دور ومسئولية الحكومة المصرية فى حل هذه المشكلة، حيث إن دير السلطان مصرى قبطى، وشددنا على ضرورة التزام الحكومة الإسرائيلية بإرجاع الحق 
لإصحابه،

فى ضوء ما أشار إليه مندوب الداخلية الإسرائيلية عن التزام حكومته باتفاقية (الاستاتسكو)، ورفضنا التهديد بأنه إن لم يتم الاتفاق على الترميم حالياً سيتدخل طرف ثالث وهو الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ الترميم دون الاتفاق على حل شامل وعادل للقضية، وأن المصريين عامة والأقباط خاصة ينتظرون حلاً شاملاً وعادلاً لهذه القضية، ولذا لن تقبل الكنيسة القبطية فصل الترميم عن الشق التاريخى والقانونى لهذه القضية».

وأوضح الوفد، فى تقريره، أن مطران الإثيوبيين فى القدس علق على الوفد بأنه لا يوجد معه تمثيل كاف من الكنيسة الإثيوبية وطلب مهلة حتى يتواصل مع كنيسته لتشكيل وفد مناسب، مع تأكيده على ضرورة إتمام الترميم فى وقت عاجل، لأن وضع المبانى فى الدير غير مناسب للمعيشة وفيه خطورة على الصحة، ودعا لترك الاختلافات على الملكية والحيازة للوصول إلى حل عاجل بخصوص الترميم.

وأشار الوفد إلى أنه بعد استراحة للتشاور، تم الاتفاق على 4 نقاط لتوضيح موقف الكنيسة القبطية هى: «أهمية وجود اتفاقية واضحة لحل شامل وعادل ونهائى لهذه القضية، وبذلك يمكن إعطاء الترميم أولوية فى هذه الاتفاقية، وأن الكنيسة القبطية أظهرت حسن نواياها بإيفاد وفد رسمى لإيجاد حل شامل وعادل مع الاستعداد الكامل للتفاوض من أجله»، وتساءل الوفد القبطى عما قدمته الكنيسة الإثيوبية فى المقابل لإظهار حسن نواياها.

وأوضح التقرير أن مطران الإثيوبيين للقدس تدخل مؤكداً ضرورة الصبر حتى يظهروا حسن نواياهم، ما دعا الوفد القبطى للتعجب من هذا التعليق المتناقض، فبينما تحدث فى السابق عن ضرورة استعجال الترميم طالب بالصبر عليهم فى إظهار حسن نواياهم لإيجاد حل شامل للقضية.

وكشف التقرير عن أن مندوب السفارة المصرية الذى حضر جولة المفاوضات أكد رفضه لتعليق بطريرك الروم الأرثوذكس بأن الحكومة المصرية لن تفيد فى إيقاف الترميم حال تدخل الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ الترميم دون الوصول إلى حل شامل وعادل، مؤكداً أن قضية دير السلطان قضية مصرية، والحكومة لن تقبل أى مساس أو تنازلات عن حق الأقباط فى ملكية وحيازة الدير، كما شدد على أهمية وضرورة التزام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ قرارات المحكمة الإسرائيلية باتفاقية (الاستاتسكو) بخصوص حق الأقباط فى ملكية وحيازة دير السلطان. 

وأشار الوفد، فى ختام تقريره، إلى أن الكنيسة القبطية فى انتظار رد من الكنيسة الإثيوبية، إما عن طريق التواصل المباشر أو عن طريق بطريرك الروم، وتم اقتراح الأسبوع الثانى من أكتوبر المقبل، لبدء الجولة الثانية من المفاوضات، من أجل اتفاق مقبول وعادل. يذكر أن دير السلطان يعد ديراً أثرياً للأقباط الأرثوذكس، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس المحتلة، وتبلغ مساحته نحو 1800 متر، وأرجعه صلاح الدين الأيوبى للأقباط بعد استيلاء الصليبيين عليه، وعُرف من وقتها باسم «دير السلطان»، 

وظل فى ملكية الكنيسة القبطية قبل الاحتلال الإسرائيلى للقدس فى 1967، إلى أن استولى الاحتلال عليه فى ليلة عيد القيامة 25 أبريل 1970 لتمكين الأحباش «الإثيوبيين» المقيمين بالدير منه فى صباح اليوم التالى، وعلى أثر هذا التعدى قام الأنبا «باسيليوس»، المطران القبطى فى مدينة القدس وقتها، بالاحتجاج لدى السلطات الإسرائيلية، ورفع ثلاث قضايا أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية، التى أصدرت قرارها رقم (109/71) فى 16 مارس 1971، وبإعادة المقدسات المغتصبة إلى أصحابها قبل 6 أبريل 1971، لكن الحكومة الإسرائيلية أصدرت قراراً مؤقتاً بإيقاف الحكم فى 28 مارس 1971، ليصدر البابا شنودة الثالث وقتها قراراً بمنع زيارة الأقباط للأراضى المقدسة أمام تعنت إسرائيل بعدم تنفيذ الحكم.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات