تابعت دراستي الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في جبيل، كانت الأمور مختلفة وقتها عن الزمن الذي نعيش فيه اليوم، كان أهلنا متشددين أكثر، ولم يكن هناك انترنت في البيوت ولا واتساب ولا من يحزنون، وكنا ننام بعد نشرة أخبار الثامنة والنصف.
كانت العلاقات في تلك الأيام صادقة، وكنت أتردد إلى منزل صديق لي كان تلميذا في صفي وكان يتهكّم عليّ بطريقة مرحة أني اصلّي كثيراً وازور مار شربل كل اسبوع.
صديقي من خلفية يسارية ولم يكن لله وجوداً في حياته.
كان هذا الأمر يزجعني وكنت اصلّي كي يأتي اليوم الذي يتعرّف فيه صديقي هذا على الله.
(لم اذكر اسمه حفاظاً على الخصوصية).
مرّت السنين الى أن عُرض عليّ العمل في إمارة ابو ظبي، عرفت وقتها أنّ صديقي هناك فاتصلت به وكان سعيداً جداً لملاقاتي على المطار ومساعدتي في أمور كثيرة.
سألني، هل ما زلت مؤمناً؟ أجبت، نعم.
ضحك، قال لي مساء نذهب سوياً الى القداس.
تفاجأت، ولم أعلّق على الموضوع.
رأيته مختلفاً، يصلّي بخشوع، تغيّرت حياته رأساً على عقب، سألته ما سرّ هذا التغيير؟
قال لي إنّ العيش وحيداً بعيداً عن الوطن يجعل الانسان يتأمّل في هذه الحياة اكثر، فبدأ يتردد الى الكنيسة فتعلّق بشكل كبير في ممارسة الأسرار والمشاركة في الاحتفالات الدينية.
أخبرني أنه كلما أتى لبنان، يتوجه الى عنايا ويجلس بالقرب من القربان يتأمّل في سرّ يسوع لساعات طوال، اضاف، أنه كان يسخر من هذا القديس من الناس التي تأتي اليه بالآلاف، واليوم أصبح مار شربل بالنسبة إليه علامة لحضور الله لا لبس فيها، وما فقده في لبنان وجده في أبو ظبي.
ما حصل مع هذا الشاب، يحصل يومياً مع آلاف البشر التي يغيّر الله وجهة حياتهم ليعاينوا وجهه في أماكن وأوقات لا يعرفونها.
تعليقات
إرسال تعليق